في حكم تخاطب الزوجين
بألفاظ الوقاع الصريحة حال الجماع
الشيخ فركوس - حفظه الله -
السـؤال:
هل يشرع للزوجين عند المداعبة أو الجِماع, مخاطبةُ بعضهما بكلّ أعمال الجماع بالعامية أو اللهجة المحلية, ممّا يعتبر سفَاَهَةً وسبًّا وعيبًا وفُحشًا من الكلام عند عامّة الناس؟ وجزاكم الله خيرًا.الجـواب:الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فلا ينبغي التخاطبُ بالعباراتِ الصريحةِ عن الأمور المستقبحة بألفاظ الوِقاع وما ينطق به سواء لإثارة الشهوة حالَ المداعبة والجِماع، أو لتهوين المخاطَب والتقليلِ من شأنه أو غيرِ ذلك، لِمَا فيه من التشبُّه بأهلِ الفساد من استعمالٍ لعباراتٍ فاحشةٍ لا يرضاها اللهُ تعالى، فقد جاء في عموم النهي في قوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «
إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الفَاحِشَ المُتَفَحِّشَ»(
1)، والمراد بالفُحْشِ هو: كُلُّ ما خرج عن مقداره حتى يُسْتَقْبَحَ، ويدخل في القول والفعل والصفة، بمعنى هو: الزيادةُ على الحدّ في الكلام والفعل السيّء، وأمّا المتفحِّشُ هو الذي يتكلّف الفُحشَ ويتعمَّدُه لفسادِ حاله، وقد وصفتْ عائشةُ رضي الله عنها خُلُقَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم فقالت: «
لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا وَلاَ سَخَّابًا فِي الأَسْوَاقِ…»(
2)، وفي روايةٍ: «
لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا وَكَانَ يَقُولُ: إِنّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ أَخْلاَقًا»(
3)، وقد نهى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم عن العُنف والفُحش(
4). وخيرُ الهديِ هَدْيُ محمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم.
وأهلُ الصلاح يتحاشَوْنَ التعرّضَ للأمور المستقبحةِ بالعبارات الصريحةِ، وإنما يُكَنُّونَ عنها ويَدُلُّون عنها بالرموز.
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: 14 ربيع الأول 1428ه
الموافق ل: 2 أبريل 2007م
--------------------------------
1- أخرجه أبو داود في «الأدب»: (4792)، والبخاري في «الأدب المفرد» (776)، والحديث حسنه الألباني في «الإرواء»: (7/208).
2- أخرجه الترمذي في «البر والصلة»: (2016)، وأحمد: (25019)، من حديث عائشة رضي الله عنه. والحديث صححه الألباني في «المشكاة»: (5820).
3- أخرجه البخاري في «المناقب»: (3366)، ومسلم في «الفضائل»: (6033)، والترمذي في «البر والصلة»: (1975)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
4- أخرج البخاري في صحيحه كتاب «الأدب»، باب لم يكن النبي فاحشًا ولا متفحشًا: (5683) من حديث عائشةَ رضيَ الله عنها: «أنَّ اليهودَ أتوُا النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: السامُ عليك. قال: وعليكم. فقالت عائشة: السامُ عليكم ولعنَكمُ اللهُ وغَضِبَ عليكم. فقال رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: مَهلاً يا عائشة، عليكِ بالرفق، وإياكِ والعُنف والفُحش قالت: أوَ لم تَسمعْ ما قالوا؟ قال: أَوَ لم تَسمعي ما قلتُ؟ ردَدْتُ عليهم، فيُستجابُ لي فيهم، ولا يُستَجاب لهم فيَّ».